بين يدي الشهادة:
أصبح الكل يتحدث اليوم عما جنته يد المخزن طيلة عقود من الزمن، وبلغ الضغط والإحراج من النظام مبلغا لم يبلغه من قبل، وباتت أكذوبة هيأة “الإنصاف والمصالحة” حلا سحريا لكل تلك المآسي و”الانتهاكات الجسيمة”. فهل هي حقا كذلك؟
لهذه الهيأة مشروع محدد جسده مهندسوه في علاج ملفات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي التي عرفها “العهد القديم” لكن الذي ينقصه صدق النية والإرادة. أولا لطبيعة الظروف والدوافع التي كانت وراء إنشاء هذه الهيأة ثم لغموض تلك المقاربة التي عولجت بها ملفات الضحايا بدءا بإقصاء ملفات “العهد الجديد” و”انتهاكاته الجسيمة” ثم بإهمال أخرى هي من صلب “العهد القديم”.
شهادتي هاته ليست على غرار ما سمعناه من شهادات بعض ضحايا “العهد القديم” على شاشة التلفزة أوعبر أثير الإذاعة، وإن كان بعض من ذلك حاصلا في الشكل، وإنما تتوخى قرع مسامع أهل الإنصاف الأحرار المتحررين من كل هيأة قد تقيد إنصافهم أو تعيقهم عن ذلك بشروط مثقلة ونيات بها كثير من الدخن.
– التعريف: الاسم الكامل: محمد بن الطيب اللياوي، تاريخ ومكان الازدياد: 1971 بمدينة بركان، المستوى الدراسي عند الاعتقال: السنة الثانية فيزياء- كمياء، المستوى الدراسي الحالي: حاصل على الدكتوراه في الآداب والإجازة في القانون العام.
– تاريخ الاعتقال: يوم الجمعة 01 /11/1991 على الساعة الخامسة والنصف مساء.
– مكان الاعتقال: بالمنزل الذي كنت أقطنه بحي القدس بمحاذاة كلية العلوم جامعة محمد الأول بوجدة.
– ملف الاعتقال: ملف رقم 1992/177 ضمن “ملف طلبة وجدة” الذي شمل أزيد من 75 عضوا من أعضاء جماعة العدل والإحسان بمدينة وجدة وأغلبهم طلبة وضمنهم مسؤولون بالجهة الشرقية، أساتذة وموظفون.
– الحكم: 20 سنة سجنا نافذا. (نفس الحكم الصادر في حق اثني عشر طالبا من جماعة العدل والإحسان).
– ظروف الاعتقال: على إثر هجوم باغت ودون سابق إنذار لفيالق من قوات الأمن السري والعلني وقوات التدخل السريع ورجال المطافئ، تم خلاله تكسير باب المنزل والنوافذ وكسرت معها جماجمنا وعظامنا بهراواتهم الغليظة تحت وابل من السباب والشتم والتفل في جو مليء بالرعب والإرهاب والعنف، اقـتيد أزيد من 60 طالبا في ازدحام شديد وخانق في سيارات الأمن إلى مخفر الشرطة.
– ظروف التحقيق والاعتقال الاحتياطي بالكوميساريا: بمجرد وصولنا إلى مخفر الشرطة أو الكوميساريا المركزية بوجدة انطلق مسلسل التعذيب والجلد والسلخ، حيث حشرنا في دهليزها (لاكاب)، تماما كما تحشر الخرفان في زريـبتها، منبطحين على ركبنا على هيأة السجود، لكنه هذه المرة كان سجودا طويلا جدا دام ليلة كاملة، مفترشين الحصى ملتحفين برد القبو في خريف مدينة وجدة القارس. وحينما اصطففنا أمامهم بدأوا في المناداة على بعض الإخوان الأكثر نشاطا وحركة داخل الجامعة من خلال لوائح مهيأة سلفا بتنسيق مع عناصر الحرس الجامعي “الأواكس” وعناصر من اليسار! مناداة رافقها وابل من التـنكيل والصفع والركل ونتف الشعر، وطبعا لغة الشتم والسباب تحت الحزام وقذف الأعراض لا تنفك عنها ألسنتهم واستمرت تلهج بها طيلة فترة التحقيق. كان ذلك مجرد تهييء للعرض المقبل الذي اتسم بالتعذيب الانفرادي الممنهج.
أدخلت معصب العينين مكبل اليدين إلى مكتب “الحاج”، كما دأب على تسميته الزبانية، ووجدت رفقته عصابة من الجلادين كلٌ يؤدي دوره بإتقان، منهم من يزبد ويرعد ومنهم من يسخر ويستهزئ ويغمز بعبارات نابية ومنهم من يتقمص دور الناصح الأمين أن تتكلم وتعترف فتريح وتستريح، قبل أن يتدخل “الحاج” ويهدئ الوضع فيسكت الكل وينصت ل”حكمته” و”رزانته” و”برودة دمه” ليطلب منك، بعبارات كلها احترام وتفهم وإعذار، أن تقول الحقيقة كاملة فهم على كل حال يعرفونها سواء من مصادرهم الخاصة أو من اعترافات آخرين وإنما يريدون أن يسمعونها منك ليتأكدوا. وقبل ذلك يدعوك لتشرب شيئا وحينما تتحفظ سواء على شرب القهوة أو الاعتراف تتلبد سماء المكتب بالغيوم ويكفهر جو القاعة وتزول “الحكمة” ويبرز الوجه الآخر الحقيقي، الذي لا يكلفه سوى عبارة موجزة “هبطو امو لتحت” أي أنزلوه إلى الأسفل لتجد نفسك في طاحونة التعذيب الوحشي الهمجي الذي تكِلّ عن وصفه العبارات. حينها يتذكر المرء قوله تعالى يخاطب خزنة جهنم في حق الكافر الذي استحق عقاب الله فيقول لهم: “خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه”، ويتأمل في غلظة وقساوة أولئك الجلادين الذين نسوا أن الله يمهل ولا يهمل.
وفي هذا “الأسفل” بدأت أولى حصص التعذيب التي استفتحها ثلة من الجلادين بصب الماء البارد على جسدي ثم علقت من ركبتيَّ بواسطة عمود وضع تحتهما على هيأة “الطيارة” المشهورة، واستمر أحدهم بصب الماء واختص آخر بوضع خرقة متسخة عفنة على فمي وأنفي وكلما تلقى الإشارة من رئيسه أفرغ عليها ماء الصابون حتى كدت ألفظ أنفاسي وضاق صدري من قلة التنفس، لا ينقذني منهم إلا رفع الأصبع الذي أمرت أن أشير به كلما هممت ب”الاعتراف”. وظلت “الفلقة” ملازمة لي لم تفارقني زهاء ساعتين من الزمن، واستمر معها التهديد باستعمال الشحنات الكهربائية في الأعضاء الحساسة وبمحاولات الاغتصاب، حتى يضطر المرء، فرارا من ذلك الجحيم، إلى الاعتراف على نفسه بما لم تقترفه يداه. وزاد من آلام ذلك التعذيب وهوله ما كان يصم أذني من أنين إخوان لي كانوا يلقون نفس المصير ويسامون ذات التنكيل فيخيل إلي أني في طاحونة لإنتاج الألم والأوجاع كما تعصر زيت الزيتون من بين لحمه وعظمه. واستمرت عجلة تلك الطاحونة تدور إلى فجر ذلك اليوم، بينما بقي الآخرون ممن لم ترد أسماؤهم في اللائحة ساجدين على الحصى في ذلك الدهليز ممنوعين من أدنى حركة، ومن سولت له نفسه رفع رأسه أو المطالبة بالذهاب إلى بيت الخلاء فقد كان يلقى من التنكيل أشده ويكال من السباب أوفاه.
وفي الصباح استُؤنفت العملية من جديد ونكل بنا كما لو أننا لم نذق من تنكيل أمس شيئا حتى خارت قوانا الجسدية دون المعنوية، ولم نعد نقوى على الوقوف، وكلما دخلنا على صنف من أصناف البوليس (PJ أو RG أو DST) أذاقنا ما لم نذقه على يد الذي قبله. واستمر ذلك طيلة أسبوع من الزمن بما فيها يومي السبت والأحد ويوم عطلة المسيرة، وخلال ذلك كنا نحشر أزيد من عشرين فردا في زنزانة مساحتها متران على مترين (!) وكأننا في علب سردين، محرومين من أي فراش أو غطاء أو أكل أو شرب أو حتى من قضاء الحاجة إلا عند الضرورة القصوى لبضع دقائق في اليوم(!)
– أسباب الاعتقال:
فقد زعم المخزن ـ كعادته في تلفيق التهم المغرضة مستعينا في ذلك بمحاضر مزورة وقضاء تابع غير نزيه ـ أن هؤلاء الطلبة الاثني عشر قد شاركوا في جريمة دم والمشاجرة، مبررا ذلك بالدم الذي وجد على سروال أحدنا ثم “الاعترافات” المزعومة التي تضمنتها محاضر الضابطة القضائية.
ألم يكفهم إلحاح الدفاع في طلبه هيأة الحكم بإجراء الخبرة الطبية على ذلك الدم لمعرفة صاحبه؟ أم هو العمى حينما يغشى أعين الظالمين ويخذلهم عن حبك خدعهم، أم هو الغرور جعلهم يستغنون عن ذلك ويأمنون مكر الله وعاقبة أمرهم.
وقد قدمنا لوفد من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، على إثر الزيارة التي قام بها إلى السجن المحلي بوركايز بفاس يوم الخميس 29/04/2004، ما يكفي من التوضيحات عن هذا اللبس الذي وقع للمجلس من جراء اعتماده لمحاضر الضابطة القضائية في استثنائنا من محطات العفو المتتالية.
بهتان ما انفك المخزن يرمي به أبرياء هذا البلد الأمين في “العهد القديم” الذي أضحى اليوم محل اتهام. فمع بروز فصيل طلبة العدل والإحسان بالجامعة بشكله المنظم والقوي بدأت المعاناة في صفوف طلبة الجماعة، خاصة في مرحلة اعتقال أعضاء مجلس إرشاد سنة 1990 حيث استفتح المخزن “حواره” مع الجماعة بأسلوب المساومات التي خضعت لمنطق الترغيب والترهيب. فلما فشلت إغراءاته السخية أقدم، بجرأة ووقاحة، على اعتقال خيرة طلبة الفصيل من كلية الطب بالبيضاء بتهم ملفقة باطلة من قبيل السرقة الموصوفة والاعتداء على موظف، وكأنهم عصابة من المجرمين تعاهدوا على سرقة ممتلكات الدولة والاعتداء على الناس، قبل أن تبرئ المحكمة ساحتهم من تلك التهم وتدينهم بتهم أخف قضوا على إثرها ثلاثة أشهر في أحضان السجان.
أما “الاعترافات” المزعومة التي نسبت لنا في محاضر الشرطة فلا يخفى على أهل الإنصاف، ومنهم من ينتسب للعمل الحقوقي وبينهم ـ لا شك ـ من ذاقوا ويلات “الحُجاج” في مخافر التعذيب السرية والعلنية، أن تلك الاعترافات لا أساس لها من الصحة سواء لكونها انتزعت تحت الإكراه والتعذيب أو لأنها مجرد افتراء وتلفيق ضُمِّن بتلك المحاضر دون أن يسمح لأصحابها بالاطلاع عليها قبل توقيعها. وإذا كانت إرادة الأمة قد زورت في تلك المراحل البائدة على مرأى ومسمع من العالم وتلاعب بها الأفاكون الذين هم الآن في قفص الاتهام فما بالك بمحاضر تنجز في جنح الظلام ولا سبيل إلى تفنيد أكاذيبها.
أما المشاجرة فليس لنا إلى نكرانها من سبيل، أولا لكونها دفاعا عن النفس وصدا لعدوان اليسار المتطرف الذي ابتلينا به نحن وسائر الفصائل الطلابية الأخرى، وذلك بعد أن منعنا من الوجود والتعبير عن الرأي وحرمنا من الفعل والمبادرة بالساحة الجامعية وبلغ السيل الزبى حين طردنا من الجامعة ومن الأحياء الجامعية ونكل بكل من حمل لحية أو ارتدت حجابا واعتدي على أجسادنا ومعتقداتنا فاضطررنا إلى الدفاع عن النفس. ثانيا لكون هذا “الجرم” لا يناسب تلك الأحكام القاسية التي صدرت في حقنا. ثالثا لكون المشاجرة، كما تدل على ذلك صيغة اللفظة الصرفية، تقتضي وجود طرفين متخاصمين، لكن الذي حدث أن اتهمنا بالمشاجرة دون أن ينادى على الطرف الآخر للاستماع إليهم ـ على الأقل ـ كما تقتضي العدالة الحقة، وكأننا كنا نتشاجر مع أشباح، بينما شاهدنا بأم أعيننا عناصر معروفة منهم تدل البوليس على نشطاء الفصيل وترشده إليهم.
لكن كل هذه الأسباب إنما كانت واجهة تبرر للنظام تلك “الخروقات الجسيمة” في حقنا تخفي وراءها أسبابا حقيقية لذلك الاعتقال تكمن، في مجملها، في محاولة النظام تأديب جماعة العدل والإحسان على تعنتها وتمَنعها على محاولات الاحتواء والتدجين المتكررة ولي ذراعها قصد تركيعها بعد أن أبت ذلك، خاصة عقب فشل المساومات مع مجلس إرشاد الجماعة صيف1991، فكان الطلبة هم ذراع الجماعة المراد ليه وكنا نحن الضحية الكبرى من بين ضحايا آخرين. ثم، أيضا، محاولته تحجيم تنامي فصيل العدل والإحسان داخل الجامعة ورغبته في استئصال شأفته فالتقت الإرادتان في ذلك واتفقتا: إرادة المخزن وإرادة اليسار المتطرف، ووقع التنسيق القصدي والعفوي وتمت المؤامرة.
وليس بوسعنا، ونحن بين مخالب المخزن والحصار والتضييق يحيطان بنا من كل جانب، أن نكشف عن كل ما خفي من تلك الأسباب أو نحيط بكل ما لفها من غموض، فإن لنا مع ذلك موعدا نضربه لطالبي الحقيقة حين تدق ساعة الحقيقة، فحينئذ ينطق الحق ويخرس الباطل.
– ظروف المحاكمة والخروقات التي شابتها:
عرض ملفنا الجنائي المتضمن لأزيد من 40 حالة على محكمة الاستئناف بوجدة في شهر دجنبر 1991، وفي أقل من شهرين كانت هيأة الحكم قد أصدرت حكمها الظالم بأزيد من ثلاثة قرون، في أجواء انعدمت فيها شروط المحاكمة العادلة، بدءا بخرق علنية المحاكمة، حيث غصت القاعة بالضحايا والمحامين والجلادين بينما طوقت جحافل البوليس والسيمي القاعة من الخارج، ثم انعدام حالة التلبس، واقتحام مقر سكنانا دون الإدلاء بإذن من النيابة، وانتزاع اعترافات تحت التعذيب ورفض إجراء الخبرة الطبية سواء على حالات التعذيب أوعلى الدم الذي وجد على سروال أحد الإخوان وتجاوز مدة الحراسة النظرية. كما شابت تلك المحاكمة خروقات أخرى من قبيل غياب الطرف الآخر المتشاجر معه وغياب شهود الإثبات وعدم استدعاء شهود النفي الذين طلبهم الدفاع.
ولعل أخطر خرق تعرض له ملفنا من طرف هيأة المحكمة هو تجردها من كل استقلالية وعدم نزاهة الأحكام التي صدرت عنها سواء في هذا الملف أو في ملفات مشابهة ذات صبغة سياسية، حيث طغت عليها لغة الإملاءات والتعليمات، وعلى هذا الخرق انبنت سائر الخروقات الأخرى. فلو ضمنت لنا محاكمة عادلة نزيهة لكان الوضع غير الوضع، ولو أعيدت محاكمتنا بالشروط اللازمة لانبرت الحقيقة وانجلى عنها الغبار. لكن ذلك أصبح اليوم ضربا من ضروب المستحيل.
ثم لا نمل من التذكير بأن العنف والاغتيال السياسي ليس من مبدئنا ولا من شيمنا ولا يمت إلى التربية التي تلقيناها داخل جماعة العدل والإحسان بصلة، كما أن ما وقع سنة 1991 من أحداث عنف واعتداءات بالجامعة المغربية سواء بوجدة أو بفاس، لا يسع المرء إلا التنديد به وبصانعيه ومهندسيه والمستفيدين منه، كما لا يعقل أن يُساوى بين الضحية المدافع عن نفسه والجاني المعتدي بله إدانة الأول وإعفاء الثاني من كل مسؤولية.
وفي الختام، هذه الشهادة بين أيدي أهل الإنصاف ومريدي المصالحة هي بمثابة إدانة لهيأة “الإنصاف والمصالحة”، التي تزعم إنصاف مظلومي “العهد القديم” والمصالحة مع أخطاء الماضي و”انتهاكاته الجسيمة”، وامتحان لمصداقيتها التي لم يبق منها شيء بعد أن تجاهلت ملفات عديدة وفي مقدمتها الملف الحقوقي الضخم لجماعة العدل والإحسان. وإن كان رئيس الهيأة قد اعترف بأن “الاعتبارات السياسية هي التي طغت في عدم إطلاق سراح من تبقى من المعتقلين” عقب العفو الملكي الذي شمل عددا من المعتقلين السياسيين في يناير 2004، واعترف حقوقيون آخرون بأن ملف معتقلي العدل والإحسان الاثني عشر هو ملف سياسي وأنه لا بد أن يجد طريقه للحل كما حلت ملفات أخرى أعوص منه.
إنه امتحان المصداقية عسير تجتازه الهيأة ويبدو أن الفشل حليفها والطريق أمامها لا يزال طويلا وشاقا غير معبد!
إنها الرغبة في الإنصاف الذي تتطلع إليه نفوس كل المظلومين “القدامى” و”الجدد”، وهي شيء آخر غير استجداء عفو ذليل أو التشوف إلى فتات موائد تفوح منها روائح استغلال أموال الشعب المفقر.
فهل إلى ذلك الإنصاف من سبيل؟ وهل لتحقيق تلك المصالحة من أمل؟
وإلى حين ينبري أهل الإنصاف إلى إنصاف الضحايا، كل الضحايا، ويتمكن مريدو المصالحة من المصالحة مع الماضي، كل الماضي، والحاضر، كل الحاضر، يبقى أملنا في الله القوي الجبار كبيرا كي يأخذ حقنا ممن ظلمونا وينتقم لنا ممن تعسفوا علينا، وأن يتوب على من تاب وآب وعمل صالحا لنفسه ولهذا الشعب المقهور المسكين. ولا يغرَّن قوما ما هم عليه الآن من سلطان وجبروت فإن لكل بداية نهاية، وما نهاية البصري، وأمثالُه كثر، عنا ببعيدة، وإن عين الله سبحانه ساهرة لا تنام، لأعمالنا مراقبة لا يتطرق إليها الكلل أو الملل، وإن بعد هذه الدنيا الفانية آخرة وجزاء ثم جنة أو نار، فيومئذ “يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا”.
فلمثل هذا اليوم فليعمل العاملون “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
* أحد معتقلي العدل والإحسان الاثني عشر بسجن بوركايز بفاس