الجيتو أو حارة اليهود في مجتمعنا العربي هي المكان الذي اختاره اليهودي ليعزل نفسه عن محيطه، وهي عقدة لا تزال تسيطر على اليهودي أينما حل حتى بعد إقامة كيانه المغتصب فوق أرض فلسطين.
ولأن هاجس العزلة والبعد عن الآخر أكثر ما يميز اليهودي على مر التاريخ فقد جاءت فكرة السور الواقي أو الجدار الواقي التي تواصل الجرافات والرافعات الإسرائيلية في الوقت الراهن تنفيذها منذ أن قدم هذه البدعة ديفيد بن اليعازر وزير الحرب الإسرائيلي السابق في أعقاب فشل حملته العسكرية التي حملت ذات الاسم «السور الواقي» في عام 2002.
وبصورة عامة فان هذا الجدار الإسمنتي سيمتد بطول 350 كيلومتراً قريباً مما يسمى بالخط الأخضر وبارتفاع يصل في بعض المناطق إلى ثمانية أمتار ويتضمن إلى جانب الجدار المرتفع عوائق عديدة تهدف إلى منع التسلل وتشمل كاميرات وأجهزة تجسس ومواقع إلكترونية وخنادق عميقة، وخطوط دوريات دائمة، وسياجات مكهربة وأرصفة رملية لاقتفاء الأثر.
وتبلغ التكلفة الإجمالية للسور الواقي أكثر من 300 مليون دولار وتتضمن مرحلته الأولى إقامة جدار بطول 115 كيلومتراً حول منطقة جنين وطولكرم في شمال الضفة الغربية ويمتد من قرية سالم في أقصى شمال الضفة وحتى بلدة كفر قاسم.
وكانت “إسرائيل” شرعت في يونيو عام 2002 في المرحلة الأولى من السور التي تضمنت إقامة جدار أمني إلكتروني يمتد بطول خمسين كيلو متراً بهدف حماية جوانب مدينة القدس المحتلة من ثلاث جهات. وهذا السور الأمني حول القدس كان يجرى التخطيط له منذ فترة طويلة وجرى تقديم موعد تنفيذه بعد توالي الهجمات الاستشهادية الفلسطينية في ذلك الوقت. وذكرت التقارير وقتها أن السور يغطي القدس من ثلاثة جوانب من الشمال والشرق والجنوب وهي الجهات التي يمكن الوصول منها إلى الضفة الغربية. ويبلغ ارتفاع هذا الجدار حوالي 5.4 أمتار.
وبغية إنجاز العمل بالسرعة القصوى والانتهاء من هذه المرحلة في غضون ستة أشهر تم التعاقد مع مقاولين ليتولى كل منهم العمل في منطقة محددة من الجدار. وقد رصدت فترة عامين للانتهاء من إكمال السور بطوله الإجمالي.
السفاح شارون كان أشد المتحمسين لفكرة السور الواقي بعد اشتداد عمليات المقاومة الفلسطينية وتكرار العمليات الاستشهادية التي دفعت بشارون إلى احتلال العديد من المناطق الفلسطينية قبيل الاتفاق الأخير مع حكومة محمود عباس. ورغم أن اليعازر أعلن وقتها أن السور الواقي سيمتد بصورة عامة على خط الحدود بين الضفة والمناطق المحتلة عام 1948، إلا أن الخرائط التي نشرتها الصحف العبرية أشارت إلى أن هذا السور سيدخل بعض المناطق الفلسطينية في الضفة لمسافة كيلو مترين فهناك 5 مستوطنات تقع بين مدينتي قلقيلية وطولكرم على بعد كيلو مترين من خط الحدود سوف يقع الجدار إلى الشرق منها لتأمين حمايتها كما أن هناك قريتين من قرى الضفة الغربية هما برتا وبرقة سوف يفصلهما الجدار عن مناطق الضفة الغربية.