الحمد لله على فضله ونعمه وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها، إن الله لذو فضل على الناس، والحمد لله على الرحمة المهداة والنعمة المسداة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه من حاز الكمال في كل أمر.
كَمل سيدنا رسول الله خلقا فكان وجهه يتلألأ نورا كأنه البدر ليلة الكمال، وشرح الله صدره فأذهب عن قلبه كل رجس وبرأه من كل عيب فصدق فيه قول الشاعر:
خلقت مبرءا من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء
كمل سيّد الخلق خلقا فحاز الفضل أجمعه وزكاه المولى عز وجل فقال وإنك لعلى خلق عظيم، وبعثه سبحانه وتعالى ليتمم مكارم الأخلاق ولا يتم الأمر إلا كامل.
كمل سيدنا محمد رسولا فكانت رسالته خاتمة للرسائل السابقة ومهيمنة عليها، ومنّ عليه الحق سبحانه إذ قال: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.
كمُل صلى الله عليه وعلى آله عبودية حين خُيّر بين أن يكون نبيا ملكا أو عبدا رسولا، فاختار أن يكون عبدا رسولا سبحان الذي أسرى بعبده ليلا. وعبد الله تعالى حتى تورمت قدماه وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فسئل عن ذلك فقال: “أفلا أكون عبدا شكورا”. وخير عند وفاته فاختار الرفيق الأعلى.
كمل عليه الصلاة والسلام رحمة فعمت رحمته الإنس والجن والحيوان والجماد، فصدق فيه قول الله عز وجل وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وبالمؤمنين رؤوف رحيم وصدق إذ قال “إنما أنا رحمة مهداة”.
كمل الحبيب المصطفى جهادا فكان كما وصفه الإمام علي عليه السلام: “كنا إذا حمي الوطيس احتمينا برسول الله”.
كمل سيدنا رسول الله شهادة، فأمته شاهدة على باقي الأمم وهو شاهد على الجميع لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا.
كمل عليه السلام شفاعةً، فخصه الله بالشفاعة العظمى يوم القيامة حين يقول كل رسول لست لها، ويقول صلى الله عليه وآله أنا لها.
كمل الحبيب فصاحة فأوتي القرآن ومثله معه وأوتي جوامع الكلم.
كمل المصطفى أمة كنتم خير أمت أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وجعل الله أهله خير أهل إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، وصحبه خير صحب لقد رضي الله عن المؤمنين، وقرنه خير القرون وإخوانه خير الإخوان وحزبه هم الغالبون.
كمل عليه السلام مقاما ومنزلة عند المولى عز وجل فتقدم حين تأخر جبريل عليه السلام ليلة المعراج، ووعده ربه المقام المحمود عسى ربك أن يبعثك مقاما محمودا ووعد الحق حق.
وقد جمع الإمام البوصيري رحمه الله كل صفات كمال الحبيب صلى الله عليه وآله في قصيدته المشهورة “البردة” والتي سار بذكرها الركبان فقال:
فمبلغ العلم فيه أنه بشر
وأنه خير خلق الله كلهم
إنه رسول الله وكفى.
فاللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.