بعد 35 سنة من الاحتلال الصهيوني للقدس العربية الشرقية أصرت فيها كل الحكومات على تخليد احتلالها للمدينة المقدسة و قامت بضمها إلى الحدود الرسمية و منحت سكانها العرب بطاقات هوية و زعمت أنها مدينة موحدة إلى الأبد ، تضطر سلطات الاحتلال إلى الاعتراف بفشلها في كل ذلك . و يبدأ العمل اليوم في بناء جدار فاصل ما بين الجزء اليهودي من المدينة و بين أجزاء واسعة من أحياء و أقضية القدس الشرقية .
و على الرغم من أن قسما من أحياء القدس الشرقية المحتلة سيدخل في نطاق القدس الغربية ذات السيطرة الصهيونية ، و أن هذا الجدار سيبقي المناطق الشرقية تحت مسؤولية البلدية الصهيونية المحتلة ، إلا أن مجرد بنائه يشكل اعترافا مبدئيا بالفشل الاحتلال في توحيد المدينتين بالقوة . و الجدار الذي يباشرون في إقامته اليوم ، «لأهداف أمنية فقط و من دون أي مغزى سياسي» كما يقولون ، يرمز بكل وضوح إلى ضرورة إعادة القدس الفلسطينية إلى أصحابها و الاكتفاء بالقدس الغربية للكيان . و هو يحمل كل المغازي السياسية التي من الممكن أن تخطر على بال .
و سيمتد الجدار على طول 40 كيلومترا ، و سيفصل القدس عن الضفة الغربية أولا ، و لكن بسبب الخوف من الفلسطينيين في الأحياء المتطرفة للمدينة (الواقعة على أطرافها) و في القرى التابعة لها ، سوف يخترق الجدار المدينة نفسها و سيبقي على غالبية سكانها خارج الجدار الجديد .
الجدير ذكره أن حوالي عشرين مقاول بناء صهيونيا يعملون منذ حوالي ثلاثة أسابيع على بناء جدار أمني فاصل ما بين الكيان و الضفة الغربية (480 كيلومترا) ، سينفذ منه في المرحلة الأولى القسم الممتد من قرية سالم (طريق جنين – حيفا) في الشمال و حتى كفر قاسم في الجنوب . و الجدار المقام في المناطق المأهولة بالسكان (مثل قلقيليلة ، طولكرم ، باقة الشرقية ، الطيبة و غيرها) يقام سور من الباطون المسلح بعلو 8 أمتار و نصف المتر ، يمتد فوقه سياج إلكتروني علوه متر واحد ، و له قاعدة انحدارية (لمنع التسلق عليه) عرضها 3.5 متر . و يعمل في بنائه بالأساس عمال من الصين ، قالوا للصحافة العبرية إنهم يشعرون بأنهم يعيدون بناء سور الصين العظيم في الشرق الأوسط !! .
لكن المدير العام لمشروع الجدار الواقي ، ألبرت دينيا طلب من الجمهور ألا يطمئن أكثر من اللازم ، «فحتى هذا الجدار لن يوقف خطر الحرب و العمليات (الانتحارية) » حسب تعبيره .