كفـى عبثا بحرية الأستاذ عمر محب

Cover Image for كفـى عبثا بحرية الأستاذ عمر محب
نشر بتاريخ

أصدرت غرفة الجنايات بفاس بتاريخ 11 شتنبر 2007 قرارا قضى بسجن الأستاذ عمر محب عشر سنوات من أجل جناية القتل العمد طبقا لمقتضيات الفصل 392 من القانون الجنائي في محاكمة امتدت لحوالي عشر ساعات لم يألوا فيها فريق الدفاع جهدا في إبراز الخروقات الشكلية والموضوعية التي شابت المسطرة المنجزة خلال مختلف المراحل التي مر منها الملف (الرجاء التفضل بالاطلاع على التقييم الذي نشرته هيئة الدفاع لمتابعة السيد عمر محب المنشور بموقع جماعة العدل والإحسان).

وقد بادرت هيئة الدفاع إلى استئناف هذا القرار داخل أجل عشرة أيام المنصوص عليه في المادة 400 من قانون المسطرة الجنائية لإيمانها الجازم أنه جانب الصواب فيما قضى به؛ ولحد ساعة تحرير هذه السطور لم يحل الملف على غرفة الجنايات الاستئنافية بسبب عدم تحرير هيئة غرفة الجنايات الابتدائية لقرار الإدانة رغم مرور ما يربوا على شهر من صدوره، على نحو يطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفيات هذا التأخير غير المبرر في تحرير نسخة القرار خلافا لما هو معمول به في ملفات الجنايات، حيث يتم تحرير نسخ القرارات بسرعة حتى يتم إحالتها إما على غرفة الجنايات الاستئنافية أو على المجلس الأعلى بالنسبة للقرارات الاستئنافية في حالة ممارسة الطعن بالنقض نظرا لخطورة الجزاء الموقع في هذه الملفات؛

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد نص على ضرورة توقيع أصل الحكم أو القرار أو الأمر داخل أجل أقصاه ثمانية أيام من تاريخ صدوره حينما نص في المادة 371 من قانون المسطرة الجنائية على أنه: “يوقع الرئيس وكاتب الضبط أصل الحكم أو القرار أو الأمر داخل أجل أقصاه ثمانية أيام من صدوره”.

وبديهي أنه لا يمكن توقيع الحكم أو القرار أو الأمر من قبل الرئيس وكاتب الضبط إلا إذا كان محررا ومكتوبا؛ والمشرع لم يقرر هذه القاعدة عبثا وإنما حرصا منه على حقوق وحريات الأفراد من أن يقع العبث بها بسبب طول عرض ملفاتهم على المحاكم والتماطل في إحالة القضايا على المحاكم الأعلى درجة بعد إصدار المحاكم الدنيا لأحكام فيها.

والحقيقة أن تأخر غرفة الجنايات الابتدائية في تحرير قرار إدانة الأستاذ عمر محب خلافا لما هو معمول به في هذا النوع من القضايا يكشف التعامل الاستثنائي مع هذا الملف بسبب انتماء المتابع فيها لجماعة العدل والإحسان التي يشن عليها النظام المغربي حملة شعواء؛ ويبرز هذا التعامل الاستثنائي من خلال عدة معطيات من بينها كثرة التأخيرات التي عرفها الملف وإدراجه بجلسة 28 ماي 2007 رغم أن الملف أدرج بجلسة 17 أبريل 2007 التي حضرها المتهم ودفاعه وأشعر الجميع بتأخير الملف لجلسة 29 ماي لاستدعاء الشهود، غير أنه في اليوم المحدد للجلسة فوجئت هيئة الدفاع بأن الأستاذ عمر محب اقتيد من سجن عين القادوس إلى محكمة الاستئناف بفاس يوم 28 ماي 2007 في غيبة دفاعه وعرض على هيئة قضائية أخرى غير الهيئة التي تنظر ملفه في سيناريو أشبه بالاختطاف، ليتم تأخير الملف إلى جلسة 26 يونيو 2007.

وبعد احتجاج هيئة الدفاع على هذا الخرق الخطير ووجهت بأن ما وقع مجرد خطأ، مع أنه لو كان الأمر فعلا يتعلق بخطأ وقعت فيه النيابة العامة التي أحضرت الأستاذ عمر محب يوم 28 ماي 2007 بدل يوم 29 ماي 2007 فإنه كان بالإمكان تداركه بالإطلاع على محضر الجلسة للتأكد من تاريخ الجلسة التي أخر الملف لها، وتأمر هيئة الحكم أنداك بإرجاع المتهم إلى السجن وإحضاره في جلسة اليوم الموالي المشعر بها هيئة الدفاع.

كل هذه المؤشرات وغيرها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك التعامل الاستثنائي وغير العادي مع ملف الأستاذ عمر محب الذي يعصف بكل الضمانات والحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية؛ ومعلوم أن عدم تحرير نسخة القرار حتى اليوم يطيل أمد إقامة الأستاذ عمر محب بالسجن ويؤخر الإفراج عنه في حالة التصريح ببراءته من طرف غرفة الجنايات الاستئنافية، الأمر الذي يشكل مساسا خطيرا بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور وضمنتها المواثيق الدولية؛

وفي هذا الصدد جاء في المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: “لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظرا عادلا علنيا للفصل في حقوق والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه له”؛

وجاء في المادة الحادية عشر من نفس الإعلان:

“كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه”؛

كما ورد في الفقرة الأولى من المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:

“لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا أساس من القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه”؛

وجاء في الفقرة الرابعة من نفس العهد:

“يحق لكل من يحرم من حريته نتيجة إلقاء القبض أو الإيقاف مباشر الإجراءات أمام المحكمة لكل تقرر دون إبطاء بشأن قانونية إيقافه والأمر بالإفراج عنه إذا كان الإيقاف غير قانوني”؛

فإلى متى يتم العبث بحريات الأشخاص والانتقاص من حقوقهم وعلى رأسهم أعضاء جماعة العدل والإحسان؟؟؟.