يَا مِئْزَرَ الْأَوَّابِ شُدَّ الْمَعْقِدَا ** بَلَغَ الْأَشُدُّ مِنَ النِّصَابِ الْمَوْعِدَا
أَوْرَيْتِ فِي ذِكْرَى الْبُنَاةِ قَرِيحَةً ** أَذْكَيْتِهَا يَا أَرْبَعُونَ لِأَشْهَدَا
أَلْهَمْتِ فِي فَنَنِ الْكُهُولَةِ نَايَهَا ** أَلْهَبْتِ بُلْبُلَهَا الشَّجِيَّ فَغَرَّدَا
مَنْ كَانَ يَأْمُلُ أَنَّ غُرْبَةَ قَائِمٍ ** غَرَسَ الْفَسِيلَةَ فِي فَلاَةٍ أَوْحَدَا
تَطْوِي الزَّمَانَ فَتَسْتَحِيلُ مَنَارَةً ** لِلْمُدْلِجِينَ الْحَائِرِينَ وَمَعْهَدَا؟
تَبْلَى السِّنُونُ وَنَحْنُ أَعْرَقُ مَنْبِتاً ** صَيْفاً وَفِي الْمَشْتَى وَأَوْثَقُ مَحْتِدَا
هِيَ أَرْبَعُونَ وَنَحْنُ أَثْمَرُ مُجْتَنىً ** وَأَشَدُّ إِقْبَالاً وَأَصْفَى مَوْرِدَا
وَأَجَلُّ إِيقَاناً وَأَزْكَى حِكْمَةً ** وَالرُّشْدُ يُجْلِي فِي الْمَسِيرِ الْمَقْصِدَا
فِي زَحْمَةِ الْبَلْوَى وَفُسْحَةِ رَحْمَةٍ ** كُنَّا وَلَمْ نَبْرَحْ نَعَضُّ عَلَى الْهُدَى
لَمْ تُغْرِنَا سُبُلُ التَّعَجُّلِ وَالْوَنَى ** وَالْحِلْمُ ظَلَّ فِي الِاقْتِحَامِ الْمِقْوَدَا
لَيْسَ التَّأَنِّي فِي الشِّدَادِ مُوَاتِياً ** وَالصَّبْرُ لَيْسَ لِحَازِمِينَ مُمَهَّدَا
فَالْجَهْلُ يُطْمِعُ فِي الْعَظَائِمِ رَائِداً ** حَتَّى يَحِيدَ عَنِ الْمَرَامِ إِلَى الرَّدَى
هِيَ حِكْمَةُ التَّوْفِيقِ عِنْدَ مُسَدَّدٍ ** تَخِذَ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ الْفَرْقَدَا
فِي كُلِّ سَاحٍ لاَ يُهَادِنُ ظَالِماً ** سَبْحَ النَّهَارِ مُرَاغِماً مُتَجَلِّدَا
وَاللَّيْلُ يَعْرِفُ فِي السُّكُونِ قُنُوتَهُ ** وَيَصِيرُ فِي السَّحَرِ الْمَهِيبِ الْمَسْجِدَا
هِيَ أَرْبَعُونَ وَرَكْبُ طُلاَّبِ الْعُلاَ ** فِي مَا يُكَابِدُ لَمْ يَزَلْ مُتَوَقِّدَا
وَإِذَا تَبَعْثَرَ قَانِطٌ فِي يَأْسِهِ ** مِمَّا يَلُوحُ لِنَاظِرَيْهِ مِنَ الْعِدَا
فَلَنَا عَلَى عَمَلٍ عُيُونٌ لاَ تَنِي ** فِي الْبَذْلِ مِنْ بَرْدِ الْيَقِينِ تَرَى الْغَدَا
إِنَّ الرَّبِيعَ وَإِنْ تَثَاقَلَ خَطْوُهُ ** وَبِرُغْمِ مَنْ كَادُوا يَمُدُّ لَنَا الْيَدَا
وَالْكَوْنُ رَأْيَ الْعَيْنِ رَجَّ طُغَاتَهُ ** وَأَقَامَ زَفْرَاتِ الشُّعُوبِ وَأَقْعَدَا
وَأَحَدَّ فِيهِمْ غَضْبَةً لَنْ تَنْثَنِي ** حَتَّى تَطُوفَ بِمَنْ بَغَى وَاسْتَعْبَدَا
مَضَتِ السِّنُونُ وَكُنَّ مِصْدَاقاً لِمَا ** صَنَعَ الْإِمَامُ مُبَشِّراً وَمُجَدِّدَا
وَالْأُفْقُ تُسْرِجُ نُورَهُ أَجْيَالُنَا ** وَتَشِيدُ مَدْرَسَةَ السَّلَامِ عَلَى الْمَدَى
فَارْحَمْ إِلَهِي مَنْ تَرَجَّلَ صَادِعاً ** بِالْحَقِّ فِينَا مُحْسِناً مُتَعَبِّدَا
وَأَدِمْ صَلاَتَكَ وَالسَّلَامَ لَعَلَّنَا ** بِهِمَا غَداً نَرِدُ الْحَبِيبَ مُحَمَّدَا
هِيَ أَرْبَعُون
نشر بتاريخ
نشر بتاريخ