ظن المخزن ومن والاه أن سياسة القمع والحرمان التي برع فيها منذ سنوات في حق كل شريف وغيور عن هذا الوطن ستكون كافية وشافية، لنزعة الاستبداد المتأصلة فيه، لوقف زحف جماعة العدل والإحسان ووقف دعوتها كما كان مع باقي الحركات السياسية السابقة واللاحقة. فقام بحملة من الاعتقالات والاختطافات في حق أعضاءها لم يسلم منها أحد ابتدءا من الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين لتشمل باقي الأعضاء.
وقد عرفت هذه السياسة القمعية نهجا مختلفا تمثل في قطع الأرزاق من خلال التضييق على أبناء الجماعة في وظائفهم وطرد البعض منهم والمنع من السفر بما فيها إقامة فريضة الحج، كما شملت تشميع البيوت وإغلاقها بدعوى عقد تجمعات غير مرخص بها ممثلة في مجالس الذكر والقرآن في الوقت الذي تفتح فيه البلاد لكل من وما يطعن في دين الأمة وثوابتها الإسلامية. إلا أن هذا القمع والمنع لم يزد الجماعة إلا ثباتا ورسوخا على أرض التدافع بين الحق والباطل رغم كل الوسائل المادية والمعنوية التي سخرها المخزن في حربه على الجماعة، لكن انقلب السحر على الساحر، قال تعالى ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
تفنن المخزن وأعوانه في التنكيل بالجماعة منذ التأسيس وحتى الآن لكن دون جدوى، حيث لم يمر يوم إلا ونسمع بانتهاك هنا أو هناك على طول خريطة الوطن، فقد كان هم المخزن ولا زال هو التضييق على الجماعة عوض أن يوظف طاقات البلاد في التنمية وتوفير شروط الحياة الكريمة التي تحول دون اختيار شباب الوطن ركوب البحر (الحريك) رغم ما فيه من مخاطر هربا من جحيم المخزن.
وقد كان حظ الطلبة من أبناء الجماعة الحظ الأوفر من القمع، حيث الاختطافات والمحاكمات الصورية، أبرزها محاكمة طلبة وجدة الاثنى عشر الذين أدوا ضريبة صمود الجماعة وثباتها على موقفها التي ظن المخزن أنه انتهى منها بعد حصار المرشد واعتقال مجلس إرشاد الجماعة. فبعد ما عجز المخزن على تركيع الجماعة وترويضها كما فعل مع الآخرين، افتعل المخزن تلك الأحداث من خلال تحريكه فلول ما تبقى من اليسار ممثلا في القاعديين للدخول في صراع مع أبناء فصيل طلبة العدل والإحسان بعد ما أغاظهم التفاف الطلبة حول أبناء الجماعة لما وجدوه فيهم من صدق وأمانة، فكانت النتيجة أحكام جائرة بلغت عشرين سنة في حق طلبة وجدة وأحكام أقل في حق طلبة باقي الجامعات وذلك من خلال ملفات مطبوخة مسبقا في دهاليز وزارة الداخلية.
وقد جعل المخزن من طلبة وجدة ورقة لابتزاز الجماعة من أجل تقديم بعض التنازلات وتليين الموقف، لكن ذلك لم يزد الجماعة إلا ثباتا في الموقف كما لم يفت في عضد الطلبة الإثنى الذين ازداد ارتباطهم بالجماعة ومرشدها، كما ازدادت ثقتهم في مشروعها النبوي رغم ثقل الأحكام وفقد الحرية. حيث كان مصيرهم الاستثناء تلو الاستثناء من كل “عفو” أو انفراج سياسي، وقد استمر الحال على ما هو عليه إلى أن كان اللقاء يوم الأحد فاتح نونبر 2009 من خلال معانقة أحد عشر كوكبا سماء الحرية وإن كانت منقوصة العدد بسبب التغييب لقسري لكوكب آخر من معانقة الحرية.
فهنيئا للإثنى عشر بالحرية التي عانقوها مرفوعي الرأس بأعلى الدرجات الإيمانية والعلمية التي حصلوها في مدرسة يوسف، أما للمخزن وأزلامه فنقول ولا نمل من القول إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب