في قصة نوح عليه السلام

Cover Image for في قصة نوح عليه السلام
نشر بتاريخ

لما عمَّ أهلَ الأرض العمى عمَّ خُلقوا له، بعث نوح لجلاء أبصار البصائر، فمكث يداويهم “ألف سنة إلا خمسين عاما” (العنكبوت: 14)، فكلُّهم أبصرَ، ولكن عن المحجة يتعامى، فلاحَ للاحي (= اللائم العاذل) عدم فلاحهم، فولاهم الصّلا (= وسط الظهر؛ أي: أعرض عنهم) إياسا من صلاحهم، وبعث شكاية الأذى في مسطور “إنهم عصوني” (نوح: 21) فأذَّن مؤذن الطردِ، على باب دار إهدار دمائهم “أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن” (هود: 36) فقام نوح في محراب “لا تذر” (نوح: 26) فأتته رسالة “أن اصنع” (المؤمنون: 27) ونادى بريدُ الإعلام بالغضب “ولا تخاطبني” (هود: 37)، فلما انهار كثيب الإمهال، وانقطع سِلكُ التأخير، غربت شمس الانتظار، فادلهمّت عُقاب (= الحرب) العِقاب، فلما انسدلت الظُّلمة، وفات (= ذهب) النور “وفار التنور” (هود: 40)، فقيل: يا نوح! قد حان حِيْنُ الحين (= الهلاك)، فاحمل “فيها من كل زوجين اثنين” (هود: 40) فتخلّف خلفٌ (= بسكون اللام: الولد الذميم) من ولده، فمد يد الحُنُوّ ليأخذه بيده “يا بني اركب معنا” (هود: 42)، فأجاب عن ضمير خائض في المساوري: “سَئاوي” (هود: 43)، فرد عليه لسان الوعيد: “لا عاصم” (هود: 43).

فلما انتقم من العصاة بما يكفي، كفَّ كفُّ النجاة كفَّة الأرض بقسر “ابلعي” (هود: 44)، وقلع جذع (= ساق النخلة) جزع (= نقيض الصبر) السما في وكف دمعها (= سيلانه) بظُفر “أقلعي” (هود: 44)، ونوديت نجوةُ الجودي جودي، بإنجاء غرقى السير، وزُوِّد الهالكون في سفر الطَّرد زاد “وقيل بعدا” (هود: 44).